Tuesday, June 28, 2011

فوضى التعديلات الدستورية الجديدة

يؤسفني أن ارى في هذا الوقت بالذات هذه الفوضى التي تجتاح وسائل الاعلام و مثقفي و سياسيي هذا البلد في الوقت الذي تحتاج اليمن فيه الى توحيد الجهود للخروج من الوضع الذي دخلت اليه خلال السنوات القليلة الماضية. تعتبر البروباجندا الاعلامية التي تلف التعديلات الدستورية في منتهى السخف ففي الوقت الذي يجب ان نرتكز فيه على المنطق و العقلانية يقوم مثفقوا و سياسيي هذا الوطن بالانحياز لاحد الاقطاب اما اقصى اليسار او اقصى اليمين بين رافضين قطعاً و مؤيدين بعنف دون دراسة منطقية للوضع و انتقاد ما هو ليس بصحيح و مدح ما هو منطقي و جيد فيبدوا الوضع كمنازعه لفرض الرأي دون التفكير بالمصلحه العامه و حق هذا الوطن و حق المواطن الذي يقف صامتاً امام هذه الفوضى عاجزاً عن التعبير او ابداء الرأي.


فنحن ننسى أو نتناسى بأن الدستور وضع لحماية الوطن والمواطن و ضماناً لحقوق الاغلبية المغلوبة التي ليس لها صوت فمجلس النواب الممثل لفئات الشعب اصبح مجلساً للنواق فهم لا يفعلون شيء غير الكلام و الشجار ووضعهم في هذه الفوضى ليس بمحسوب بأغلبيته المؤتمرية و التي تشكل 170 مقعد من اصل 331 مقعد وبهذا تستطيع تمريق ما ارادات خصوصاً وأن كان من منجزات المؤتمر (الحزب الحاكم).
كما أننا للأسف لا نحاول حتى دراسة هذه التعديلات و مناقشتها مناقشة جادة واخذ جميع جوانبها سلبية و ايجابية ولكن نتخذ مواقف بين رافض بالاجمال و موافق بالاجمال فمن خلال ما قراءت حتى اليوم بخصوص هذه التعديلات يجعلني استغرب هذه المواقف، فلماذا لا نستطيع اتخاذ موقف منطقي يحكمه العقل قبل المشاعر و حب الوطن قبل حب الانحياز للحزبية و فرض الرأي، فباعتقادي الشخصي التعديلات الدستورية كنصوص هي تعديلات ايجابية تسعى للتطوير كما يقال ولكنها ايضاً لا تتوافق مع الوضع الحالي لليمن و تكاد تكون لزمن غير هذا الزمن و لوطن غير هذا الوطن وبهذا وحده يتغير كل شيء ففي ظل الظروف و الاوضاع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية الراهنة قد يتحول الشيء الايجابي الى شيء سلبي و قد تمثل المحاولة للتقدم نحو الامام ارجاعنا عشرات الخطوات الى الوراء . كمثال على هذا سأخذ التعديل بخصوص توسيع صلاحيات السلطة المحلية فهذا التعديل الذي سيعطي السلطة المحلية الكثير و الكثير من الصلاحيات سيجعل اليمن يعود خطوات كثيرة للوراء و سيجعل الحكومة تجد شماعه تعلق عليها اخطائها و تضع اللوم عليها فخلال السنوات الماضية لم تحقق المجالس المحلية بشكل عام اي منجزات تذكر و لم يكن لها اي تاثير ايجابي في حياة المواطنين وبالعكس فقد كانت في الكثير من الاحيان حجر عثرة للكثير من المشاريع التنموية و الاصلاحات. قد يكون توسيع صلاحيات السلطة المحلية في دولة اكثر تطوراً و ذات اوضاع سياسية و اقتصادية و اجتماعية مستقرة خطوة للتطور و زيادة الحرية ولكن في مجتمع مثل مجتمعنا و دولة كدولتنا حيث يشكل نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر فيها ما يقارب65% و الامية ما يقارب 37% يكون مثل هذا التعديل خطوة في طريق الانهيار.
و من جهة اخرى هناك تعديلات ليس لها اي فائدة سوى التفاخر امام الدول الاخرى بقناع الديقراطية و فرض المساوة بين المواطنين فأعطاء المرأة 44مقعد في مجلس النواب لا يشكل اي تطور باي شكل من الاشكال ففي غياب هذه النسبة من النساء المؤهلات لشغل هذا المعقد يكون وجود هذه المقاعد ما هو الا زوبعه اعلامية و تظاهر مزيف لأنه خلال الاعوام الماضية لم تشغل المراة حتى نصف عدد هذه المقاعد فقفزة بهذا النوع تعطي الانطباع بأنه لم يكن التعديل الا وسيلة دعاية للحزب الحاكم باعطاء المرأة حقوقها و اللعب ببطاقة حقوق المرأة و الفوز بقلوب المنظمات و الدول الداعمه لهذه البطاقة التي لطالما سيء استخدامها , ومن جانب اخر قد تعتبر هذا الخطوة ايجابية اذا كانت المرأه قد استغلت و وصلت الى النسب التي تم اعطائها في السابق هنا و هنا فقط يمكن اعطاء المزيد و بالقدر الذي يتوافق مع الاحتياج و هنا فقط سيعتبر هذا تطوراً و ارتقاءً.
ولنأخذ تعديل اخر و هو التعديل الدستوري للدورات الرئاسية فهذا التعديل الاخر يمكن النظر اليه بنظرتين نظرة واقعية تعبر عن وضعنا ففي ظل الوضع الحالي و المعطيات الواقعية نستطيع ان نقول بأن هذا التعديل يصب في مصلحة الحاكم و الذي تنتهي دورته الرئاسية في عام 2013، فالغاء تحديد الدورات الرئاسية سيعطيه الحق في الترشح مرة تلو الاخرى للكرسي الرئاسي و الفوز به مرة بعد مرة في غياب منافسين أكفاء و عدم وجود بديل عنه. فهذا التعديل ايضا كان من الممكن ان يكون ايجابي بوجود ديمقراطية حقه ووجود منافسين يستطيعون الوصول الى الكرسي الرئاسي من خلال انتخابات نزيهه ولكن للاسف لغياب هذه الاشياء يكون هذا التعديل ما هو الا قوننه للوضع و تشريع للوقائع . اما الشق الاخر من هذا التعديل بتخفيض مدة الدورة الرئاسية من سبع الى خمس سنوات ما هو الا لغض الطرف عن الشق الاخر من التعديل و عمل دعاية أعلامية عالمية للديمقراطية اليمنية الغير موجودة و التشبة بالدول المتقدمه.

فباعتقادي يمكن للحوار المنطقي الناضج الوصول الى التسويات حتى في اصعب المواقف و اكثرها تأزماً اما اتخاذ المواقف و وضع مصلحة الاحزاب فوق مصلحة الوطن لن يقود البلاد الا للانهيار و الانحدار الى الاسوء وعلينا كمواطنين المشاركة و ابداء الرأي فما يحدث في هذا الوطن يخصنا بالدرجة الاولى و علينا المشاركة فيه شئنا ذلك ام ابينا لان اليمن وطننا وليس وطناً فقط لمن يملكون القرار فنحن ابناء هذا الوطن و أهم ما فيه و يجب ان نؤمن بقدرتنا على خلق التغيير والا فلندعو لهذا الوطن بالسلام.

1 comment: